حركة متصاعدة

لقد اشتملت “نظرية النصية العروضية” مع مصطلحات البحث الكلي الذي نشأت فيه، على مصطلحات البحث الجزئي الذي لم تستغن عنه؛ فاستفادت من الأخفش وابن عبد ربه والمعري والتبريزي والدماميني والدمنهوري والهاشمي وغيرهم ما اشتملت عليه من مصطلحات قديمة باقية على مفاهيمها، ومن الجاحظ والجرجاني وابن جني والآمدي وابن رشيق وحازم القرطاجني وابن هشام وغيرهم ما اشتملت عليه من مصطلحات قديمة معالجة المفاهيم، ومن محمود محمد شاكر وإبراهيم أنيس وعبد الرحمن أيوب وشكري عياد وعبد الله الطيب المجذوب وسعد مصلوح وعلي يونس وغيرهم، ما اشتملت عليه من مصطلحات حديثة باقية على مفاهيمها، لتستقل بما اشتملت عليه من مصطلحات حديثةٍ معالَجة المفاهيمِ.

وتصاعدت نِسَبُ طوائف المصطلحات التي اشتملت عليها “نظرية النصية العروضية”ØŒ من القديمة الباقية المفاهيم (16.56%)ØŒ إلى القديمة المعالَجة المفاهيمِ (25.93%)ØŒ ثم الحديثة (26.69%)ØŒ فالحديثة المعالَجة المفاهيمِ (30.82%)ØŒ دون أن يختلَّ تصاعدها؛ فدلت بحيَويَّتها الظاهرةِ على تطوُّرها الطبيعيِّ؛ فلقد يكفي مخترعَ العلم أن يؤسسه بما يدل عليه الناسَ ويمهد لهم سبيلَه، ليكونوا هم الذين يُؤصِّلونه من بعده شيئا فشيئا ويُفرِّعونه ويَتوسَّعون فيه ويُضيفون إليه.
وكذلك تصاعدت كما لا يخفى على النظر العارض، طبائعُ مصطلحات هذه الطوائف الأربع، من الإفراد المغلق إلى الإفراد المفتوح ثم التركيب المفتوح فالتركيب المغلق؛ فإننا إذا وازنا مثلا بين أحد مصطلحات الطائفة الأولى [“القافية” (مقدارِ ما مِنْ آخِر البيت إلى أول متحرك قبل ساكنٍ يَليه)]ØŒ وأحد مصطلحات الطائفة الثانية [“الاستدعاء” (إضافة بعض ما يكمل وزن البيت ويزيد معناه)]ØŒ وأحد مصطلحات الطائفة الثالثة [“التعليق النحوي” (ربط العناصر النحوية بعضها ببعض)]ØŒ وأحد مصطلحات الطائفة الرابعة [“التعبير العروضي الوزني اللغوي النحوي” (العبارة المتوسطة بين منزلتي التفعيلة والبيت من جهة ومنزلتي الكلمة والجملة من جهة أخرى)]ØŒ تَجَلَّى ذلك التصاعد بتدرج هذه الأمثلة الأربعة في سلم التعقيد اللغوي (المَبْنَوِيّ المَعْنَوِيّ)ØŒ كتدرج طبقات التراكم العلمي في مسيرة التطور الطبيعي، درجات بعضها فوق بعض، من اصطلاح بكلمة واحدة على مفهوم أقرب إلى السكون، إلى اصطلاح بكلمة واحدة على مفهوم أقرب إلى الحركة، ثم اصطلاح بكلمتين مركبتين تركيبا وصفيا على مفهوم أقرب إلى الحركة، فاصطلاح بخمس كلمات مركبات تركيبا وصفيا على مفهوم أقرب إلى الحركة الملتبسة بالسكون لكثرة قُيُود أوصافها، التباسًا ربما أدار إلى الماضي وجهَ التطور العلمي الطبيعي، منوها بثبات أصول الإنسان، الذي ما زال خَلَفُه يأكل مثلما أكل سَلَفُه ويشرب ويجدّ ويلعب!

Related posts

Leave a Comment